اسليدرالأدب و الأدباء

موقف من الذاكرة

احجز مساحتك الاعلانية

رجاء التميمى

كنا في عمر الصبا لا نتجاوز الثامنة عشر من العمر; نقية قلوبنا، صافية أذهاننا، بريئة ضحكاتنا، تخلو من أي مكر وخداع، عند نهاية الدوام المسائي خرجنا نحن مجموعة من الصبايا

كان وقت العصر يميل إلى الغروب حينما تحاول الأرض احتضان الشمس نتنقل بين الأرصفة الملونة كفراشات تنتقل من زهرة إلى أخرى، خطواتنا تتسابق مع بعضها، نتراقص على صوات ضحكاتنا وهي تعلو و تعانق السماء،

سبقت زميلاتي ببعض الخطوات، لا أعرف لماذا هكذا كان الحال شيء في نفسي اجهله، جذب انتباهي صوت منبه السيارة عالي جدا يعزف به السائق كأنه في زفة عرس بشتى أنواع الأنغام ، توقفت عن السير وثبتت أقدامي في مكانها

أخذني الفضول من يقود تلك السيارة الفاخرة كان لونها أحمر ناري يجذب الانظار وصوتها منبهها عالي يلفت الانظاراتجهت نظراتي كسهام نحو الهدف لتصيب من بداخلها بشيء من الفضول اقتربت السيارة مني وخففت سرعتها

ثقبت نظرتي زجاج السيارة وسقطت على وجه السائق و إذا به رجل مسن يتجاوز السبعين ضعيف الوجه، ادرد، لا يملك سن واحد بفمه يغمز بحاجبه ويرمش بعينه و يخرج لسانه من فمه كالافعى أحسست بنوع من الخوف بقلبي توقفت عن التفكير

بتلك اللحضة تجمدت عيناي وانا أنظر لوجهه ارتفعت يداي و صفقت بهدوء وبدهشة و ذهول نطق لساني بصوت مسموع (جدو مراهق…. جدو مراهق)

كنت أعنيها وأقصدها وبرغم الموقف الذي ادهشني لكن عقلي يرفض أي شيء يخرج عن نطاق الطبيعي، كيف بهذا الرجل المسن يتصرف هكذا مع فتاة بعمر أحفاده، تعالت ضحكات الصبايا وانتهى الموقف واكملنا سيرنا،

راودني سؤال حينها كيف هو شعور العجوز المسن؟ ولماذا يتصرف هكذا؟ تلك الصورة بذهني عالقة منذ عشرين عام ومازلت اسأل نفسي لماذا سنين العمر لم تترك سمة للحياء والحشمة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى